يقدم هذا الكتاب رؤية ومقاربة لدراسة العلاقة بين السلطة والثقافة، مستندًا إلى أمثلة مأخوذة من تاريخ الفكر والإبداع في عدد من اللغات أو السياقات الثقافية المختلفة. وتتلخص رؤيته -التي تشكّل جزءًا من أطروحة البحث- في أن التأثير المتبادل بين السلطة والثقافة يولّد ردود فعل تشمل مواقف وإجراءات تمكّن صاحب النص من مواجهة القوة الماثلة أمامه أو المتخيلة، التي يتوقع أن يستفزّها بما يحمله نصّه من دلالات أو إيحاءات. وهذه المواقف والإجراءات هي في حقيقتها استراتيجيات وأساليب تكتيكية تعبر عن موقف مُنشئ النص أو توضّح طريقته في تفادي آثار السلطة أو نتائج مجابهته لها، أو تبرز أسلوبه في الردّ عليها بمراوغتها والتحايل على هيمنتها لقول ما يريد قوله. واللغات والسياقات الثقافية هنا شرقية وغربية تتحدى في كثافتها وتعقيداتها التبسيط والمفاهيم الجاهزة لتستدعي تحليلًا أكثر إصغاء إلى الصراع الدائم والخافت غالبًا بين متطلبات السلطة واحتياجات الحرية.